Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

PrÉSentation

  • : hodamuslim
  • : islam religion de paix
  • Contact

hodamuslim forum

Recherche

Archives

Articles RÉCents

Pages

18 février 2008 1 18 /02 /février /2008 19:13

 

الجواب عن الشبهة الثانية

وأما الشبهة الثانية وهي أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده كما هو مشاهد اليوم ولو كان ذلك حراماً لم يدفن فيه

والجواب

: أن هذا وإن كان هو المشاهد اليوم ، فإنه لم يكن كذلك في عهد الصحابة رضي الله عنهم ، فإنهم لما مات النبي صلى الله عليه وسلم دفنوه في حجرته في التي كانت بجانب مسجده ، وكان يفصل بينهما جدار فيه باب ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج منه إلى المسجد ، وهذا أمر معروف مقطوع به عند العلماء ، ولا خلاف في ذلك بينهم ، والصحابة رضي الله عنهم حينما دفنوه صلى الله عليه وسلم في الحجرة ، إنما فعلوا ذلك كي لا يتمكن أحد بعدهم من اتخاذ قبره مسجداً ، كما سبق بيانه في حديث عائشة وغيره ( ص9ـ10) ، ولكن وقع بعدهم ما لم يكن في حسبانهم! ذلك أن الوليد بن عبدالملك أمر سنة ثمان وثمانين بهدم المسجد النبوي وإضافة حُجر أزواج رسول الله صلى الله عليه سولم إليه ، فأدخل فيه الحجرة النبوية حجرة عائشة ، فصار القبر بذلك في المسجد ، ولم يكن في المدينة أحد من الصحابة حينذاك خلافاً لم توهم بعضهم ، قال العلامة الحافظ محمد ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي " (ص 136) :

وإنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبدالملك ، بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة ، وكان آخرهم موتاً جابر بن عبدالله ، وتوفي في خلافة عبدالملك ، فإنه توفي سنة ثمان وسبعين ، والوليد تولى سنة ست وثمانين ، وتوفي سنة ست وتسعين ، فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك ، وقد ذكر أبو زيد عمر بن شبة النميري ، في

" كتاب أخبار المدينة " مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم عن أشياخه

عمن حدثوا عنه أن ابن عمر بن عبد العزيز لما كان نائباً للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة بالساج ، وماء الذهب ، وهدم حجرات أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأدخل القبر فيه

يتبين لنا مما أوردناه أن القبر الشريف إنما إدخل إلى المسجد النبوي حين لم يكن في المدينة أحد من الصحابة وإن ذلك كان على خلاف غرضهم الذي رموا إليه حين دفنوه في حجرته صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز لمسلم بعد أن عرف هذه الحقيقة أن يحتج بما وقع بعد الصحابة ، لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة وما فهم الصحابة والأئمة منها كما سبق بيانه ، وهو مخالف أيضاً لصنيع عمر وعثمان حين وسعا المسجد ولم يدخلا القبر فيه ، ولهذا نقطع بخطأ ما فعله الوليد بن عبد الملك عفا الله عنه ، ولئن كان مضطراً إلى توسيع المسجد ، فإنه كان باستطاعته أن يوسعه من الجهات الأخرى دون أن يتعرض للحجرة الشريفة ، وقد أشار عمر بن الخطاب إلى هذا النوع من الخطأ حين قام هو رضي الله عنه بتوسيع المسجد من الجهات الأخرى ولم يتعرض للحجرة ، بل قال

" إنه لا سبيل إليها " فأشار رضي الله عنه إلى المحذور الذي يترقب من جراء هدمها وضمها إلى المسجد .

ومع هذه المخالفة الصريحة للأحاديث المتقدمة وسنة الخلفاء الراشدين ، فإن المخالفين لما أدخلوا القبر النبوي في المسجد الشريف احتاطوا للأمر شيئاً ما ، فحاولوا تقليل المخالفة ما أمكنهم ، قال النووي في

" شرح مسلم " (5/14) :

ولما احتاجت الصحابة والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون ، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين فيه ، ومنها حجرة عائشة رضي الله عنها مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله ، لئلا يظهر في المسجد ، فيصلي إليه العوام ، ويؤدي إلى المحذور ، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا ، حتى يتمكن أحد من استقبال القبر ".

ونقل الحافظ ابن رجب في

" الفتح " نحوه عن القرطبي كما في " الكوكب " (65/91/1) ، وذكر ابن تيمية في " الجواب الباهر " (ق9/2) : ( أن الحجرة لما أدخلت إلى المسجد سُد بابها ، وبني عليها حائط آخر ، صيانة لـه صلى الله عليه وسلم أن يتخذ بيته عيداً ، وقبره وثناً ) .

قلت

: ومما يؤسف لـه أن هذا البناء قد بني عليه منذ قرون ـ إن لم يكن قد أزيل ـ تلك القبة الخضراء العالية ، وأحيط القبر الشريف بالنوافذ النحاسية والزخارف والسجف ، وغير ذلك مما لا يرضاه صاحب القبر نفسه صلى الله عليه وسلم ، بل قد رأيت حين زرت المسجد النبوي الكريم وتشرفت بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 1368هـ رأيت في أسفل حائط القبر الشمالي محراباً صغيراً ووراءه سدة مرتفعة عن أرض المسجد قليلاً ، إشارة إلى أن هذا المكان خاص للصلاة وراء القبر ، فعجبت حينئذ كيف ضلت هذه الظاهرة الوثنية قائمة في عهد دولة التوحيد! أقول هذا مع الاعتراف بأنني لم أر أحداً يأتي ذلك المكان للصلاة فيه ، لشدة المراقبة من قبل الحرس الموكلين على منع الناس من يأتوا بما يخالف الشرع عند القبر الشريف ، فهذا مما تشكر عليه الدولة السعودية ، ولكن هذا لا يكفي ولا يشفي ، وقد كنت قلت منذ ثلاث سنوات في كتابي " أحكام الجنائز وبدعها (208من أصلي ):

فالواجب الرجوع بالمسجد النبوي إلى عهده السابق ، وذلك بالفصل بينه وبين القبر النبوي بحائط ، يمتد من الشمال إلى الجنوب بحيث أن الداخل إلى المسجد لا يرى فيه أي مخالفة لا ترضى مؤسسه صلى الله عليه وسلم ، اعتقد أن هذا من الواجب على الدولة السعودية إذا كانت تريد أن تكون حامية التوحيد حقاً ، وقد سمعنا أنها أمرت بتوسيع المسجد مجدداً ، فلعلها تتبنى اقتراحنا هذا ، وتجعل الزيادة من الجهة الغربية وغيرها ، وتسد بذلك النقص الذي سيصيبه سعة المسجد إذا نفذ الاقتراح ، أرجو أن يحقق الله ذلك على يدها ، ومن أولى بذلك منها ؟)

ولكن المسجد وسع منذ سنتين تقريباً دون إرجاعه إلى ما كان عليه في عهد الصحابة ، والله المستعان

.

الجواب عن الشبهة الثالثة

:

وأما الشبهة الثالثة ، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد الخيف وقد ورد في الحديث أن فيه قبر سبعين نبياّ

!

فالجواب

: أننا لا نشك في صلاته صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد ، ولكننا نقول : إن ما ذكر في الشبهة من أنه دفن فيه سبعون نبياً لا حجة فيه من وجهين :

الأول

: أننا لا نسلم صحة الحديث المشار إليه ، لأنه لم يروه أحد ممن عني بتدوين الحديث الصحيح ، ولا صححه أحد ممن يوثق بتصحيحه من الأئمة المتقدمين ولا النقد الحديثي يساعد على تصحيحه فإن في إسناده من يروي الغرائب وذلك مما يجعل القلب لا يطمئن لصحة ما تفرد به ، قال الطبراني في " معجمه الكبير " (3/204/2) : حدثنا عبدان بن أحمد نا عيسى بن شاذان ، نا أبو همام الدلال ، نا إبراهيم بن طمهان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ابن عمر مرفوعاً بلفظ :" في مسجد الخيف قبر سبعين نبياً ".

وأورده الهيثمي

" المجمع " (3/298) بلفظ : (...... قُبِرَ سبعون نبياً ) وقال : (رواه البزار ورجاله ثقات).

وهذا قصور منه في التخريج ، فقد أخرجه الطبراني أيضاً كما رأيت

.

قلت

: ورجال الطبراني ثقات أيضا غير عبدان بن أحمد وهو الأهوازي كما ذكر الطبراني في " المعجم الصغير " (ص136) ولم أجد له ترجمة ، وهو غير عبدان بن محمد المروزي وهو من شيوخ الطبراني أيضاً في " الصغير " (ص136) وغيره ، وهو ثقة حافظ له ترجمة في " تاريخ بغداد " (11/135) و " تذكرة الحفاظ " (2/230) وغيرها .

لكن في رجال هذا الإسناد من يروي الغرائب مثل عيسى بن شاذان ، قال فيه ابن حبان في

" الثقات " :" يغرب " .

وإبراهيم بن طمهان ، قال فيه ابن عمار الموصلي

: ضعيف الحديث مضطرب الحديث ".

وهذا على إطلاقه وإن كان مردوداً على ابن عمار ، فهو يدل على أن في حديث

ابن طهمان شيئاً ، ويؤيده قول ابن حبان في

" ثقات أتباع التابعين " ( 2/1):

أمره مشتبه ، لـه مدخل في الثقات ، ومدخل في الضعفاء ، وقد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات ، وقد تفر عن الثقات بأشياء معضلان ، سنذكره إن شاء

الله في كتاب الفصل بين النقلة إن قضى الله سبحانه ذلك ، وكذلك كل شئ توقفنا في أمره ممن له مدخل في الثقات

ولذلك قال فيه الحافظ ابن حجر في

" التقريب" :" ثقة يغرب " وشيخ منصور ، وهو ابن المعتمر ـ ثقة ، وقد روى له ابن طهمان حديثاً آخر في مشيخته (244/ 2) ، فالحديث من غرائبه ، أو من غرائب ابن شاذان .

وأنا أخشى أن يكون الحديث تحرف على أحدهما فقال

: (قُبِر) بدل (صلى) لأن هذا اللفظ الثاني هو المشهور في الحديث ، فقد أخرج الطبراني في " الكبير (3/1551) بإسناد رجاله ثقات عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعاً :

صلى في مسجد الخيف سبعون نبياً .... ) الحديث .

وكذلك رواه الطبراني في الأوسط

(1/119/2ـ زوائـده) وعنه المقدسي في " المختــارة" (49/2) والمخلص في " الثالث من السادس من المخلصيات " (70/1) وأبو محمد بن شيبان العدل في " الفوائد" (2/222/2) وقال المنذري ( 2/116) : " رواه الطبراني في الأوسط ، وإسناده حسن ".

ولا شك في حسن الحديث عندي ، فقد وجدت له طريقاً اخرى عن ابن عباس ،

رواه الأزرقي في

" أخبار مكة " (ص35) عنه موقوفاً عليه ، وإسناده يصلح للإستشهاد به، كما بينته في كتابي الكبير " حجة الوداع " ( ولم ينجز بعد ).

ثم رواه الأزرقي

(ص38) من طريق محمد بن إسحاق قال : حدثني من لا أتهم عن عبدالله بن عباس به موقوفاً . فهذا هو المعروف في هذا الحديث ، والله أعلم .

وجملة القول أن الحديث ضعيف لا يطمئن القلب لصحته ، فإن صح فالجواب عنه

من الوجه الآتي وهو

الثاني

: أن الحديث ليس فيه أن القبور ظاهرة في مسجد الخيف ، وقد عقد الأزرقي في تاريخ مكة ( 406ـ 410) عدة فصول في وصف مسجد الخيف ، فلم يذكر أن فيه قبوراً بارزة ، ومن المعلوم أن الشريعة إنما تبنى أحكامها على الظاهر ، فإذا ليس في المسجد المذكـور قبور ظاهرة ، فلا محظور في الصلاة فيه البتة ، لأن القبور مندرسة ولا يعرفها أحد ، بل لولا هذا الخبر الذي عرفت ضعفه لم يخطر في بال أحد أن في أرضه سبعين قبراً! ولذلك لا يقع فيه تلك المفسدة التي تقع عادة في المساجد المبنية على القبورالظاهرة والمشرفة! .

الجواب عن الشبهة الرابعة

وأما ما ذكر في بعض الكتب أن قبر إسماعيل عليه السلام وغيره في الحجر من المسجد

الحرام وهو أفضل مسجد يتحرى فيه ، فالجواب

لا شك أن المسجد الحرام أفضل المساجد والصلاة فيه بمائة ألف صلاة ، ولكن هذه الفضيلة أصلية فيه منذ رفع قواعده إبراهيم مع ابنه اسماعيل عليهما السلام ، ولم تطرأ هذه الفضيلة عليه بدفن إسماعيل عليه السلام فيه لو صح أنه دفن فيه ن ومن زعم خلاف ذلك ، فقد ضل ضلالاً بعيداً ، وجاء بما لم يقله أحد من السلف الصالح رضي الله عنهم ، ولا جاء به حديث تقوم الحجة به

فإن قيل

: لا شك فيما ذكرت ، ودفن إسماعيل فيه لا يخالف ذلك ، ولكن ألا يدل هذا على الأقل على عدم كراهية الصلاة في المسجد الذي فيه قبر ؟

 

فالجواب

: كلا ثم كلا ، وهاك البيان من وجوه :

الأول

: أنه لم يثبت في حديث مرفوع أن اسماعيل عليه السلام أو غيره من الأنبياء الكرام دفنوا في المسجد الحرام ، ولم يرد شئ من ذلك في كتاب من كتب السنة المعتمدة كالكتب السنة ، ومسند أحمد ،ومعاجم الطبراني الثلاثة وغيرها ضعيفاً بل موضوعاً عند بعض المحققين ، وغاية ما وري في ذلك من آثار معضلات ، بأسانيد واهيات موقوفات ، أخرجها الأزرقي في " أخبار مكة " (ص39و219و220) ، فلا يلتفت إليها وإن ساقها بعض المبتدعة مساق المسلمات . ونحو ذلك ما أورد السيوطي في " الجامع " من رواية الحاكم في (الكنى) عن عائشة مرفوعاً بلفظ : إن قبر إسماعيل في الحجر .

الوجه الثاني

: أن القبور المزعوم وجودها في المسجد الحرام غير ظاهرة و لا بارزة ، ولذلك لا تقصد من دون الله تعالى ، فلا ضرر من وجودها في بطن أرض المسجد ، فلا يصح حينئذ الاستدلال بهذه الآثار على جواز اتخاذ المساجد على قبور مرتفعة على وجه الأرض لظهور الفرق بين الصورتين ، وبهذا أجاب الشيخ على القاري رحمه الله الله تعالى ، فقال في " مرقاة المفاتيح " (1/456) بعد أن حكى قول المفسر الذي أشرت إليه في التعليق :

وذكر غيره أن صورة قبر إسماعيل عليه السلام في الحجر تحت الميزاب ، وأن في الحطيم بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبياً ) .

 

قال القاري

: وفيه أن صورة قبر إسماعيل عليه السلام وغيره مندرسة فلا يصلح الاستدلال .

وهذا جواب عالم نحرير ، وفقيه خريت ، وفيه الإشارة إلى ما ذكرناه آنفاً ، وهو أن العبرة في هذه المسألة بالقبور الظاهرة ، وأن ما في بطن الأرض من القبور ، فلا يرتبط به حكم شرعي من حيث الظاهر ، بل الشريعة تنزه عن مثل هذا الحكم ، لأننا نعلم بالضرورة والمشاهدة أن الأرض كلها مقبرة الأحياء ، كما قال تعالى

:} ألم نجعل الأرض كفاتا * أحياء وأمواتا { . قال الشعبي :

بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم

ومنه قول الشاعر

 

فأين القبور من عهد

عاد؟

عاد؟

***

 

صاح هذي قبورنا تملأ الرحب



الأرض إلا من هذه الأجساد



***

 

خفف الوطأ ما أظن اديم



لا اختيالا على رفات العباد



***

 

سر إن استطعت في الهواء رويداً



 

ومن البين الواضح أن القبر إذا لم يكن ظاهراً غير معروفاً مكانه ، فلا يترتب من وراء ذلك مفسدة كما هو مشاهد ، حيث ترى الوثنيات والشركيات إنما تقع عند القبور المشرفة ، حتى ولو كانت مزورة ، لا عند القبور المندرسة ، ولو كانت حقيقة ، فالحكمة تقتضي التفريق بين النوعين ، وهذا ما جاءت به الشريعة كما بينا سابقاً ، فلا يجوز التسوية بينهما ، والله المستعان

 

الجواب عن الشبهة الخامسة

أما بناء أبي جندل رضي الله عنه مسجداً على قبر أبي بصير رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فشبهة لا تساوي حكايتها ، ولولا أن بعض ذوي الأهواء من المعاصرين اتكأ عليها في رد تلك الأحاديث المحكمة لما سمحت لنفسي أن أسود الصفحات في سبيل الجواب عنها وبينا بطلانها

! والكلام عليها من وجهين :

الأول

: رد ثبوت البناء المزعوم من أصله ، لأنه ليس له إسناد تقوم الحجة به ، ولم يروه أصحاب (الصحاح) و (السنن) و (المسانيد) وغيرهم ، وإنما أورده ابن عبدالبر في ترجمة أبي بصير من " الاستيعاب " (4/21ـ23) مرسلاً ، فقال :

وله قصة في المغازي عجيبة ، ذكرها ابن إسحاق وغيره وقد رواها معمر عن ابن شهاب

. ذكر عبدالرزاق عن معمر عن ابن شهاب في قصة عام الحديبية ، قال : ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم ، فأرسلت قريش في طلبه رجلين ، فقالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : العهد الذي جعلت لنا أن ترد إلينا كل من جاءك مسلماً . فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرجلين ، فخرجا حتى بلغا ذا الحليفة ، فنزلوا يأكلون من تمر لهم ، فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا جيد يا فلان ، فاستله الآخر ، وقال : أجل والله إنه لجيد ، لقد جربت به ثم جربت ، فقال له أبو بصير أرني أنظر إليه ، فأمكنه منه ، فضربه حتى برد وفر الاخر حتى أتى المدينة ، فدخل المسجد بعده ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم حين رآه : لقد رأى هذا ذعراً ، فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : قتل والله صاحبي ، وإني لمقتول . فجاء أبو بصير ، فقال يا رسول الله قد والله وفى الله ذمتك : قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ويل امه مسعر جرب ، لو كان معه أحد ) فلما سمع ذلك علم أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر ، قال : وانفلت منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو فلحق بأبي بصير . . . وذكر موسى بن عقبة هذا الخبر في أبي بصير بأتم ألفاظاً وأكمل سياقا قال : . . . وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه ومن معهما من المسلمين ، فقدم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي جندل ، وأبو بصير يموت ، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقرؤه ، فدفنه أبو جندل مكانه ، وصلى عليه ، وبنى على قبر مسجداً .

قلت

: فأنت ترى أن هذه القصة مدارها على الزهري فهي مرسلة على اعتبار انه تابعي صغير ، سمع من أنس بن مالك رضي الله عنه ، وإلا فهي معضلة ، وكيف ما كان الأمر فلا تقوم بها حجة ، على أن موضع الشاهد منها وهو قوله :" وبنى على قبره مسجداً " لا يظهر من سياق ابن عبد البر للقصة أنه من مرسل الزهري ، ولا من رواية عبد الرزاق عن معمر عنه ، بل هو من رواية موسى بن عقبة ، كما صرح به ابن عبد البر ، لم يجاوزه ، وابن عقبة لم يسمع أحداً من الصحابة ، فهذه الزيادة أعني قوله " وبنى على قبره مسجداً " معضلة بل هي عندي منكرة ، لأن القصة رواها البخاري في " صحيحة " (5/351ـ371) وأحمد في " مسنده " ( 4/328ـ331) موصولة من طريق عبد الرزاق عن معمر قال : أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بها دون هذه الزيادة ، وكذلك أوردها ابن إسحاق في " السيرة " عن الزهري مرسلاً كما في " مختصر السيرة " لابن هشام (3/331ـ339) ، ووصله أحمد (4/323ـ326) من طريق ابن إسحاق عن الزهري عن عروة به مثل رواية معمر وأتم وليس فيها هذه الزيادة ، وكذلك رواه ابن جرير في تاريخه (3/271ـ285) من طريق معمر وابن إسحاق وغيرهما عن الزهري به دون هذه الزيادة ، فدل ذلك كله على أنها زيادة منكرة ؛ لإعضالها ، عدم رواية الثقات لها . والله الموفق .

الوجه الثاني

: أن ذلك لو صح لم يجز أن ترد به الأحاديث الصريحة ، في تحريم بناء المساجد على القبور لأمرين :

أولاً :

أنه ليس في القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وأقره .

 

ثانيا

:

:

أنه لو فرضنا أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك وأقره ، فيجب أن يحمل ذلك على أنه قبل التحريم ، لأن الأحاديث صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم ذلك في آخر حياته كما سبق ، فلا يجوز أن يترك النص المتأخر من أجل النص المتقدم ـ على فرض صحته ـ عند التعارض وهذا بين لا يخفى ، نسأل الله تعالى أن يحمينا من اتباع الهوى .

تابع الجزء الخامس  اضغط هنا

Partager cet article
Repost0

commentaires